الجزائر تايمز:محمد بن امحمد العلوي
مرت ثلاث سنوات على حكومة
بنكيران في نسختيها الأولى والثانية. في 25 نوفمبر 2011 أجريت الانتخابات
التشريعية التي حملت حزب العدالة والتنمية إلى البرلمان على أكتاف 107
برلمانيين. برلمانيو الحزب دلفوا البرلمان المغربي رافعين شعارا انتخابيا
براقا: محاربة الفساد.
شعار تم توظيفه بذكاء
انتخابي متوسلين الوصول بواسطته إلى أوسع كتلة انتخابية. محاربة الفساد
المفتاح السحري الذي فتح لحزب عبدالإله بنكيران أبواب رئاسة الحكومة وقدم
برنامج حكومته على ذاك الأساس.
وتأبى الظروف الطبيعية إلا
أن تكشف خللا واضحا بين القول والفعل عند حكومة بنكيران. تدبيرها لما قبل
وبعد كارثة الفيضانات التي ضربت بعنف مدن الجنوب الشرقي رغم التحذيرات كان
باهتا ولا يرقى إلى طموحات المواطن المغربي.
في مناسبات عديدة كان رئيس
الحكومة يردد بأن حصيلة الائتلاف الحكومي جيدة. نعتبره خطابا شعبويا
وكلاما للاستهلاك الإعلامي، كان في الحملة التي قادت حزبه إلى أغلبية داخل
البرلمان وإلى رئاسة الحكومة ولازال إلى الآن.
ما هي الإجراءات الملموسة
التي قامت بها الحكومة في محاربة الفساد مثلا؟ لا شيء يذكر سوى خطاب تلو
الخطاب. تَوَّجَهُ عبدالإله بنكيران بمقولة "عفا الله عما سلف".
عفا الله عما سلف مفهوم
سهل طبقته حكومة بنكيران عندما قررت العفو عن الأشخاص الذي هربوا أموالا
إلى الخارج. وقال وزير الإقتصاد والمالية آنذاك أن "هدف هذه المبادرة هو
تمكين المغاربة المتورطين في إخراج أموال بطرق غير قانونية من تسوية
أوضاعهم تجاه السلطات بشكل يحفظ لهم ماء الوجه وتحفيزهم على إعادة تلك
الأموال إلى البلاد لتستفيد منها". نتيجة الإجراء رقم مالي ضئيل تم
استرجاعه والحكومة تهدد بأن آخر أجل هو نهاية هذه السنة.
مبادرة نعتبرها فشلت كونها
تُطَبِّعُ مع الفساد وناهبي المال العام. ناتجة عن تناقض القول مع الفعل
عند هذه الحكومة التي جاءت حاملة شعار القضاء على الفساد.
اتجاه عبر عنه عبدالعزيز
أفتاتي النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، بقوله أن القيام بهذا
الأمر لا يتوقف على الإرادة فقط، بل لابد أيضا من النجاعة والإجراءات. وهذا
ما فشلت فيه حكومة التي يقودها بنكيران.
فشل الشعار متعلق بفشل
الإجراءات المتبعة في محاربة الفساد. فقبل مراهنة حكومة بنكيران على
استرجاع أكثر من 500 مليون دولار، كان يجب عليها الالتفات إلى محدودية
الإجراءات التي تزجر المفسد والمرتشي التي تعطيه دعما في تقوية موقعه
وإتمام مهمته.
عندما تعجز الحكومة على
مواجهة الرشوة والفساد الإداري يخسر المغرب الكثير. يخسر اقتصاديا عندما
تنكمش الاستثمارات فتزيد البطالة وتضمحل الخدمات بإضعاف البنيات التحتية
نتيجة التلاعب بالصفقات العمومية. حكومة بنكيران لم تعمل على تطويق ظاهرة
الفساد بجرأة وعدم خوف على كراسي انتخابية زائلة.
الأرقام التي تعلنها حكومة
بنكيران فيما يتعلق بالبطالة ومحاربة الرشوة والنمو الاقتصادي، غالبا ما
تفندها مؤسسات مشهود لها بالكفاءة كالمندوبية السامية للتخطيط. البطالة
والرشوة والمحسوبية كان يجب التعامل معها بأسلوب أكثر نجاعة.
في ظل حكومة بنكيران رأينا
كيف تمت الزيادة في أثمان مواد استهلاكية ونفطية، خرجت لأجلها نقابات كبرى
تحتج على إرهاق كاهل المواطن سواء في الصحة او السكن او التعليم بعدما
تعثر الحوار الاجتماعي. وعود حكومة بنكيران كانت ولازالت حبرا على ورق لا
تعدو ان تكون لازمة يتم تكرارها للوصول إلى الكرسي البرلماني والحكومي.
حكومة خرج منها حزب
الاستقلال في النسخة الأولى. وهدد بالانسحاب منها الرفيق في حزب التقدم
والاشتراكية اليساري. والسبب القرارات غير الشعبية التي اتخذتها حكومة
بنكيران. هذه الأخيرة التي لم تكن حاسمة بشكل مباشر في عملية إصلاح لملفات
هامة كالتربية والتعليم، ومنظومة العدالة، والتشغيل والنظام الجبائي،
والنظام الجنائي، ونظام المقاصة ومنظومة التقاعد.
حكومة غلب عليه التذبذب في
اتخاذ القرارات الإصلاحية اللازمة للخروج من نفق الشعارات والمصطلحات
الفضفاضة. مثلا يعتبر الإصلاح الجبائي مدخلا لضمانة العملية التنافسية
وتحريك الاقتصاد الوطني المؤدي بالضرورة الى تحصين السلم الاجتماعي بشكل
اكبر.
بعدما أقفلت حكومة بنكيران
الثلاث سنوات من عمرها السياسي. يبدو أن المرأة المغربية كانت ضحية عدم
تقدم في العناية بوضعيتها. وهذا واضح في عدم إخراج المؤسسات والقوانين
المتعلقة بالمرأة، كهيئة المناصفة التي أقرها الدستور، وقانون محاربة العنف
ضد النساء. فالحكومة لازالت لم تفعل تلك التطلعات.
"النساء لما خرجن من
البيوت، انطفأت البيوت" وأنهن بمثابة "ثريات" في منازلهن. هذه المقولة التي
خرجت من فم رئيس الحكومة. هي من أخرجت النساء وهيئات أخرى للتنديد بهكذا
توصيف. واعتبرته مناقضا لما جاء في الفصل 19 من الدستور الذي ينص على أن
يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
في عهد حكومة بنكيران حق
المرأة المهضوم، هذا ما قالته وزيرة التضامن "إنّ العنف ضدّ النساء ما فتئ
يتزايد". لكن الحكومة لم تفعل شيئا في شأن إخراج القوانين والتشريعات
لحماية هذه المرأة المغربية من العنف. ناشطات في مجال محاربة اعنف ضد
المرأة نبهت إلى الفصل 19 من دستور 2011 مجمد في عهد حكومة بنكيران
"فالحكومة لم تفعل شيئا فيما يتعلق بالمناصفة ومحاربة كافة أشكال التمييز
ضدّ النساء" تقول إحداهن.
طريقة تعامل حكومة بنكيران
مع حقوق المرأة أبان عليه الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع
المدني، عندما منع الصحفية خديجة الرحالي شهر أبريل الماضي من ولوج قبة
البرلمان بداعي أن لباسها، غير محتشم ولا يليق بمؤسسة عمومية.
حتى مبلغ 350 درهما،
الموجه للأرامل الذي اعتبره بنكيران إنجازا باهرا لحكومته، لم يوقع بعد
مرسوم تطبيقه، رغم أنه مصادق عليه وجاهز كما صرح رئيس الحكومة بنفسه.
كل هذا يجعلنا نتساءل عن
مدى جدية وفعالية هذه الحكومة في الذهاب بعيدا في الإصلاحات وتعميق الورش
الكبرى التي دخلها المغرب لتحقيق التوازنات الاقتصادية والاجتماعية
والسياسية والحقوقية المطلوبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق