2014/12/29

اللعب بالنار


اللعب بالنار
 عائشة زكري
-          ماذا يحدث الآن  داخل اتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ؟
-         سؤال يفرض نفسه بإلحاح على كل ذات مهتمة بالشأن العام ، سواء كانت هذه الذات تنتمي إلى نفس الدار أي  “الإتحاد الاشتراكي”  أو إلى دار أخرى مغايرة لها تماما ، ذلك أن التشويش و الإحتقان ، الذي يتعرض له الحزب الآن قد بلغ درجة لم تعد معها أي إمكانية للتجاهل أو الإخفاء
-         فكيف يمكن الإجابة على هذا السؤال ؟
-         وقبل ذلك ، أشير أن الإمتعاظ   الذي أشعر به حين التفكير في هذا السؤال وملابساته هو الإمتعاظ أكبر وأضخم من ذاك الذي أشعر به حين أتجه إلى تحليل الأسباب والمسببات الداعية لكل ذلك . فهل فعلا هناك أسباب موضوعية أدت إلى إنتاج هذا الإحتقان المسموم ؟
-         أقرر ، وبكل إصرار ، منذ البداية ، بأن الموضوعية هنا لا مكان لها في الوجود ، لأن المسألة تتعلق بعقلية معينة تعكس نوعا من التفكير تم اعتياده ، وتعوده لمدة طويلة جدا ، لدرجة سطره البعض كقانون راسخ لا يمكن الخروج عنه ، نوعا من التفكير يستحيل خرقه أو تجاوزه في نظر هؤلاء .
-         لقد كانت العادة السائدة ، خلال كل المؤتمرات السابقة عن المؤتمر الوطني التاسع ، هو الاحتكام إلى الشرعية التاريخية في اختيار القيادات الحزبية ، وحينما استبدلت بالشرعية الديمقراطية ( في هذا المؤتمر الوطني الأخير )، وجد هذا البعض صعوبة كبيرة في استيعاب هذا التغيير، فثار رافضا نتائج هذه الديمقراطية ، على الرغم من قبوله مسبقا الدخول في غمارها، مما يكشف  عن خروج هؤلاء عن المنطق العقلي، وخضوعهم  لنوع من الاستهتار واللامعقول ، يعكس تضخم الأنا بشكل مفرط .
-         و هذا معناه التمركز حول الذات والنظر إلى المناضلين  نظرة استعلاء من جهة ، واحتقار من جهة ثانية .
-         إن المناضلين تبعا لهذا المنطق المقلوب ، يشكلون طبقات ، فهناك الأعلى وهناك الأدنى ، هناك من يجب أن يتبوأ أعلى مراتب التنظيم الحزبي ، وهناك من يجب أن يظل في الأسفل ، وذلك تبعا لمقاييس غير مفهومة وغير واضحة ، ولا علاقة لها بتاتا باللعبة الديمقراطية .
-         وتبعا لذلك ، فالقيادات الحزبية لا يمكن أن تكون من اختيار المناضلين والمناضلات، بل يجب أن تفرض فرضا وبالوصاية ، ومن داخل دائرة مغلقة وثابتة ، وموجودة بشكل قبلي ، ناسين أو متناسين أن التغيير والتحول ، أصبح يسري بفعالية وانفعال داخل المجتمع وداخل الحزب باعتباره جزءا من هذا المجتمع .
-         إنها تصورات وأفكار تعكس عقلية تجاوزها الزمان التاريخي الذي لا يرحم ، عقلية التعصب للذات ، وللدائرة المقربة من هذه الذات المغلقة على ذاتها . فإذا كنا كحزب حداثي ديمقراطي نؤمن بالتغيير ، و التجديد ، وبالانفتاح ن وبالمساواة ، وبالديمقراطية ، فإننا نحس  وبكل إصرار ، بأن كل ما يجري الآن داخل الإتحاد الاشتراكي ، من طرف ثلة من الأفراد ، هو هراء ، هو سريالية  ، هو فقدان للصواب ، هو خروج عن العقل والمنطق ، هو ابتعاد عن الواقع ، هو خروج عن روح الاتحاد .
-         والدليل على كل هذا ، ذالك التخبط الذي أصبح يتخبط فيه هؤلاء ، وذلك من خلال توزيع التهم ، مجانا ، وبشكل عشوائي وانفعالي ، فمرة يوجهون تهمة الفساد للمناضلين المنضبطين  للقرارات الحزبية ، ومرة ثانية يرددون تهمة الخروج عن الخط السياسي الحزبي  من طرف القيادة، من دون تحديد لا لمفهوم الفساد وتجلياته ، ولا لمفهوم ذاك الذي يسمونه بالخروج عن الخط السياسي الحزبي,
-         وهذا كله تبلور لديهم في الحديث عما سموه ” بتيار الانفتاح والديمقراطية ” كبديل أو كتصحيح للإنحراف في نظرهم , لكنه تيار أجوف، فارغ من المحتوى ، لا يحمل مشروعا محددا، وغير مرتكز على تصور واضح ، لا للخط السياسي المقترح ، ولا للمجتمع ، ولا للاقتصاد ولا للفكر أيضا، الشيء الذي يؤكد أن كل محاولة هؤلاء هي مجرد رد فعل انفعالي وسريع لنتائج المؤتمر الوطني التاسع الديمقراطية.
-          وتبعا لكل ذلك  أقول لهؤلاء إن السير في طريق الخطأ  بتعنت وعجرفة وذاتية مطلقة هو خطأ كبير يسيء إليهم كأفراد بالدرجة الأولى، إن لم يكن يسيء إلى كافة المناضلين وإلى الحزب وإلى كل القوى الديمقراطية ، لأن زمن التشردم قد ولى ، فحداري تم حداري من اللعب بالنار لأن أول من سيكتوي بها هو كل من ساهم في إضرامها.
                                                                    

عضو اللجنة الإدارية للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية

ليست هناك تعليقات:

أخبار رئيسية

شاشة الموقع