أفترض في الكلام اليك شرطان لازمان ، حسن النية و نبل
لغة الخطاب . وهما معا لا يمنعان ان نختلف اختلاف العقلاء لا اختلاف
الجهلة الذين يجعلون من الاختلاف مبررا للهدم والنقض، هدم كل شيء مبني
وتحويله الى انقاض رهيبة .
اخي عبد الهادي
هل من المعقول ان تعطي لنفسك الحق في التعبير عن رأيك في
قيادة حزبك التي انتخبها مؤتمر شرعي في دورتين مشهودتين وتصفها بنعوت نابعة
من تقديرك الذاتي ، متحاملا عليها تارة ومؤلبا عليها القراء و الرأي
العام بغير وجه حق ؟ و الحال أنك مدير نشر جريدة ” الاتحاد الاشتراكي” لسان
حال حزبك وقيادته التي تكيل لها الضربات الاعلامية في منابر أخرى .
هل يليق بك ان تعتدي على حزبك في منابر صحفية صباحا ومساء
ثم تعود الى جريدة حزبك التي تديرها في اليوم الموالي وهي تنشر عكس ما
تقوله في تصريحاتك الصحفية . وتعتبر ذلك من حرية الاعلام والصحافة . هل هذا
معقول؟ من سيصدقك ؟
أخي ، ان الاتحاديات والاتحاديين لايفهمون هذا التصرف منك انت
بالذات . كل مدراء التحرير السابقين لك من اليوسفي الى اليازغي الى شوقي
الى عليوة لم يسبق لهم ان فعلوا ما أنت فاعله . هم كذلك كانت لهم آراؤهم
كقياديين ،وكان هناك من الاتحاديين من لا يشاطرهم تلك الآراء جملة او
تفصيلا ، الا انهم كانوا مؤتمنين على لسان الاتحاد و صوت الاتحاد لم
يدنسوه دنسا لا يستفيد منه الا خصوم الاتحاد و المتربصون به . ولا أرضى لك
والتاريخ يشهد ويسجل ان تكون نشازا لانك لا تستحق ذلك !
الاتحاد اليوم يعيش صراعا ، لا يصل في عمقه ما الى ماعاشه من
صراعات سابقة كنت شاهدا على الكثير منها بل طرفا فيه ، صراعات الحسم
المذهبي والاختلاف الايديولوجي و تضخم هاجس الزعامة . فهل في تحركات
“الدومو” اليوم شيء من هذا . من الواضح ان التهويل الذي لجأت اليه في هذا
الامر فيه غلو ولا يخلو من سوء نية ولا يليق بك !
أما الصراع اليوم في الاتحاد اخي عبد الهادي، فأنت تعرفه جيدا
. انه صراع بين من يؤيد شرعية المؤتمر الوطني التاسع ومن يناوشها على مدى
سنتين . طيلة هذه المدة لم يجمد أحد ولم يطرد أحد ولم يوقف أحد ، ولم
يتابع أحد امام المحاكم على تصريحاته المشينة والمقززة ، الى حدود انعقاد
اللجنة الادارية الاخيرة . ولم يصدر قرار غير قرار توقيف شخصين جمعا الناس
بعد ذكرى الفقيد احمد الزايدي مباشرة، وتكلما باسم “تيار ” تقول انت الذي
لم تكن أصلا منه انه انتهى او بالأحرى الوجود له ، ويقول الذين اقاموه انه
موجود بل مازال قائما وأنهم هم المسوؤلون عنه . هذان الشخصان الموقوفان
عرضا أرضية على اولئك المجتمعين طرحت عليهم اختياران لا يوجد بينهما
الاستمرار في الانتماء الى الاتحاد ، وصرحا لوسائل الاعلام ان علاقتهم
بالاتحاد في حكم المنتهية . بعد كل هذا تستكثر انت في تصريحاتك على
الاتحاديين ان يردوا الاعتبار لحزبهم ، في لجنتهم الادارية ، وان يرجعوا
الامور الى نصابها.حيث أصبحوا في تصريحك متآمرين على حزبهم ! يقلب خطابك
الامور قلبا غريبا يصبح “دومو” ومن لف لفه على حق وهو يرتب للانشقاق ،
وتصبح اللجنة الادارية الشرعية متآمرة وهي تدافع عن الوجود الاتحادي
والكرامة الاتحادية !
هل هذا يستقيم أخي عبد الهادي ؟
أتريد بعد هذا ان تستمر عنوة مؤتمنا على صوت الاتحاد
وجريدته الناطقة باسمه ؟ وحين يصلك أن أحدهم طالب بتسوية وضعية جريدة
الحزب ليدافع بها عن نفسه ، تطلب منه ان يحرر سبة ومليلية اولا !! وكأنك
تطلب رهانا تاريخيا ان يهزم الاتحاديون ازابيلا القشتالية لكي تسلمهم
جريدتهم التي تملكتها بمال الحزب ، و قدتها بصفتك عضوا في المكتب السياسي
السابق وأنت الآن خارج المكتب السياسي الشرعي.
انظر كيف جمعت ” الصدف” وهذا مكر التاريخ ، بينك وبين أحد
دعاة التشدد الديني والرجوع الى القرون الوسطى في البلاد ،هو يتحامل على
الكاتب الأول لحزبك ، حزب المهدي وعمر ويصفه بأوصاف لا يستحقها إلا هو ،
وأنت تصفه بالمتآمر ! كاتبك الاول يواجه الفكر الرجعي ويدافع عن الاجتهاد
لتحديث المعاملات وإنصاف النساء فيضع بذلك الاتحاد اليوم في صلب مشروع
تحرير المجتمع المغربي من قبضة التخلف والتشدد الديني ، وانت متماد في
حملة التشكيك في قائد حزبك تشكيك يجد نفسه مصطفا إعلاميا مع ابوالنعيم ،ة
فكلاكما -ظاهريا على الأقل- يريد النيل من شرعية الكاتب الاول للاتحاد .
واذا كان ما يحركه هو واضح ، فما الذي يدفعك انت الى ما تقوم به ؟وهل يرضيك
هذا الاصطفاف الاعلامي؟
أخي عبد الهادي لا تلطخ وجه قيادي اتحادي نحترمه ،هو وجهك
انت . ضع نهاية لهذا المسألة الاعلامية بهدوء و شرف . واعد للحزب جريدته
لانها له ومن حقه ذلك . نربأ بك أن تتمادى بالزج بالمسألة الاعلامية في
التناقض المرحلى الاتحادي . ان الاتحاد سيستمر في كل الاحوال له من
القدرة على الامتصاص والنهوض بعد الكبوات الاليمة ما تعرفه . له حزب
خبر التمرس على الصعاب والمحن بارادة راسخة في الصمود والمواجهة والتجاوز.
أسألك لو كان حزبا آخر شهد ما يعيشه الاتحاد اليوم لسنتين ، هل سيظل قائما؟
هل ستنعقد مؤسساته الوطنية وتتخذ القرارات ؟ هل ستتجدد أجهزته المحلية
والاقليمية وطبول التشهير تقرع في أذنه صباح مساء ؟ لو حصل هذا في حزب غير
الاتحاد الاشتراكي لأصبح شظايا متناثرة !
من اتحادي يصر ان ما زال فيك ما يستحق الاحترام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق