2014/11/26

«الداعشية» الإسلاموية و«الداعشية» المسيحيوية

 صحيفة تشرين
هبريس عن صحيفة تشرين 
الخطاب السياسي تحليلياً كان أم تعبوياً بحاجة دائمة للعودة إلى المرجعية الفكرية حيث تلعب المقارنة التاريخية دوراً مهماً، ولا شك في أن المقارنة تختزل التجربة التاريخية ودروس هذه التجربة ضرورية في كل مرحلة… وتزداد أهميتها في مرحلة الأزمات…
هو ما يسميه الرئيس بشار الأسد بالعودة إلى الأصول في تفسير الواقع، ما يعني العودة إلى الجواهر في تفسير الظواهر، فاكتشاف ما هو الحامل وما هو المحمول ضروري للتعامل مع التطورات بحيث لا يفقد الإنسان بوصلته وسط «فوضى خلاقة» أرادها الاستعمار الحديث أسلوباً كي تفقد الشعوب بوصلتها..
التاريخ – أي تراكم التجربة – يفتح الباب واسعاً أمام اكتشاف الجوهر الكامن خلف الظاهر، اليوم تعيش منطقتنا «داعشية» إسلاموية ونحن في القرن الخامس عشر الهجري، ويتساءل الجميع حول نهاية الطريق وإلى ماذا سيقود هذا كله.
سؤال له ما يبرره، وربما الجواب باختصار أن هذا سيقود على المدى المتوسط والطويل إلى دخول عالمنا العربي – أخيراً – إلى العصر..
ما يبرر هذا الجواب مقارنة بسيطة مع تاريخ أمم سبقتنا في دخول العصر، قرننا الخامس عشر الهجري يشبه القرن السادس عشر الميلادي حيث بدء عصر النهضة في أوروبا بالتمرد على «داعشية» مسيحيوية تشبه محاكم التفتيش الظلامية فيها تماماً محاكم التفتيش «الداعشية» اليوم، وكأن التجربة تعيد نفسها ما دمنا لا نزال في قرننا الخامس عشر.
إن التطرف في التكفيرية والتوحش سوف يخلق ردة فعل قوية – إيجابية من وجهة نظر تاريخية – وانطلاقة نحو المدنية وروح العصر الذي تأخرنا عنه كثيراً، اليوم يتصاعد الوعي في العالمين العربي والإسلامي بضرورة التوجه الجاد نحو الحداثة – بحلوها ومرها – بمساعدة العودة إلى الإسلام الرسولي الذي من أهم خصائصه فهم العصر والانطلاق إلى الأمام لا إلى الخلف.
الداعشية الإسلاموية نسخة طبق الأصل عن الداعشية المسيحيوية بعد خمسة قرون كاملة، ولا شك في أنها ستؤدي إلى النتيجة نفسها لأن «الحق لا يظهر إلى إذا بلغ الباطل الداعشي مداه» وبالمقابل فإنه في الغرب محاولات لإعادة إحياء الداعشية المسيحيوية عبر تيار المسيحية – الصهيونية، وهي – فيما يخص النتيجة – ظلامية مسيحيوية تلتقي مع الظلامية الإسلاموية، والدليل على ذلك أن القاعدة ومفرزاتها كلها لم تطلق رصاصة واحدة منذ نشوئها على المصالح الصهيونية..

ليست هناك تعليقات:

أخبار رئيسية

شاشة الموقع