بل
والمتعلمين أنفسهم إذا تم رصد الظاهرة من زاوية علم النفس التربوي. وإن
بحثنا عن أسباب الظاهرة لم يكن ولن يكون ـ طبعا ـ مبررا نتخذه للمتعلمين
ذريعة نشرعن بها هذا السلوك المرفوض في كل أبجديات الشعوب داخل المدارس
وخارجه.
ولنبدأ بنظام الامتحان وكيفية التقويم بسلك البكالوريا الذي يعتمد في
سنتيه على الدورة الواحدة، باعتبار كل سنة دراسية من شتنبر إلى يونيو وما
تشمله هذه المدة من محتويات ودروس المعارفَ والكفايات والمهارات التي يقوم
فيها المتعلم في الأولى بكالوريا وفي السنة الختامية للحصول على تلك
الشهادة التي تبقى رغم القيل والقال شهادة معترفا بمصداقيتها على الصعيد
الدولي.
سؤالي كالتالي: أليس حريا بنا أن نعيد نظام الدراسة والتقويم بسلك
البكالوريا إلى نظام الدورتين في السنتين كلتيهما، من أجل التصدي لظاهرة
الغش؟
إن نظام الدراسة والتقويم بالبكالوريا الذي يعتمد الدورة الواحدة والتقويم
في نهاية السنة يعتبره أكثر المتعلمين ضربة جزاء لا يقبل خياره غير تسجيل
الهدف وهو الحصول على معدل مؤهِّلٍ للنجاح، نظرا لكونه لا يعطي إلا حظا
واحدا يصوب فيه كل متعلم هدفه نحو تحقيق نتيجة تجعله ناجحا. فأليس هذا
النظام في الدراسة هو الذي يدفع بالكثيرين ـ الذين يبقون قليلين طبعا ـ إلى
التفكير في مناورات ومراوغات واحتيال لتحقيق ذلك المبتغى؟
وقد يقول قائل، ردا على ما ذهبنا إليه: ماذا عن نظام الدراسة والتقويم
بالسنة الختامية لنيل شهادة السلك الإعدادي الذي يعتمد على نظام الدورتين،
والذي تسجل به حالات الغش؟ لنقول بأن حساسية سلك البكالوريا وكون ولوج
المدارس العليا والمؤسسات الجامعية الوطنية والدولية يرتبط بتلك الشهادة،
يجعلنا نتحدث عن هذه المرحلة الدراسية الدقيقة بكل حزم ليحافظ المغاربة
بريادتهم وقدوتهم في مصداقية التعليم رغم ما يعتريه من قصور وتخلف في بعض
الطرائق البيداغوجية وضعف بنياته التحتية.
فلمحاربة ظاهرة الغش التي تجتاح كالجراد الفصول المدرسية في نهاية المواسم
الدراسية لا بد من إعادة النظر في أنظمة الدراسة والتقويم ومراجعتها، لأن
إعطاء الفرصة للطالب مرتين في السنة عن طريق تقسيم كل سنة دراسية في
البكالوريا، يبعد طلابنا من الغش ويسهل عليهم التمكن من المعارف والكفايات
والمهارات المطلوبة منهم في كل موسم على حدة، محاربة لثقل المقررات
والمحتويات وكمها، وسعيا إلى ما تصبو إليه البيداغوجيات الحديثة في
الانتقال من الكم إلى الكيف، أي من شحن العقول بالمعارف وإلقائها إلى
التمكن منها وتعلم كيفيات الوصول إليها.
ومتى
استطعنا أن ننتقل بمنظومتنا التعليمية من مستوى الكم إلى مستوى الكيف
سنكون قد تحررنا من آفة الغش أو جريمة الغش كما يحلو للبعض تسميتها، وستكون
فصولنا الدراسية عالما ملائكيا ويصبح من يفكر في الغش شياطين يمشون على
الأرض وغيرهم ملائكة السماء.
عمر الحسني (نيابة تنغير)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق