بني ملال - حسن المرتادي
كل من يتابع دورات المجلس الحضري لمدينة بني ملال, سيكون بحق في موقع الحائر
والمستغرب، لما يحصل من تبادل للاتهامات، والتي لا تخلو من خطورة تفرض على
الجهات المسؤولة وعموم المتتبعين أخذها مأخذ الجد ووضعها محط مساءلة
وتحقيق، خاصة وأن الطرفين المتبادلين لهذا النوع من الاتهامات, مكونان
سياسيان متحابان ومتعانقان ومبتسمان لبعضهما البعض داخل الحكومة، لكنهما
متنافران، متضادان، بعضهما البعض ببلدية بني ملال، بالرغم من تشكي والتماس
رئيس البلدية لمحمد العنصر، وللوزيرة حيطي للتدخل قصد تسوية الإيقاع
البلدي وجعله منسجما مع الإيقاع الحكومي ?! بين حزب العدالة والتنمية
كمعارضة داخل المجلس وحزب الحركة الشعبية كمكون مسير. إذ هي قضايا وأمور
ونقاش يهم تدبير الشأن المحلي والشخصي ببني ملال، ما يجعل بصدق القلوب
تدمى، والعقول تهذي لكل من يحمل ذرة عفة سياسية، على اعتبار أن المدينة
وأنفاس المدينة المخنوقة أصلا بسبب الإجهاز التام على بيئتها ببشاعة
وإصرار متواصل ، إلى إقبار بيئة عروسة الأطلس وهي فاجعة ووصمة عار على
جبين كل من كانت له يد في هذه الجريمة، سواء من قريب أو من بعيد، وكل من
يتفرج على الإجهاز على خضرة وجمال بني ملال، وحقولها وبساتينها المترفة
بالخضرة وبنعومة مناظرها الأخاذة للألباب وبحسنها الرباني الطبيعي، إلى حد
اغتصاب عذريتها. وخلال هذه الأيام بدأ الفعل الانتخابوي ينخر مرة أخرى ما
تبقى من أخاديد وتجاعيد جمال أيام زمان مع دق آخر المسامير الانتخابوية في
نعش بيئة المدينة من خلال كهربة بناءات غير منظمة داخل البساتين المجاورة
لعين أسردون والقريبة جدا منها، إضافة إلى الترخيص لإقامات ومراكز تختلف
تسميتها لشرعنة استغلال الفضاءات الطبيعية المحرمة بقوة التواتر الطبيعي
للمجال وبقوة القانون. وهو ما يمكن اعتباره مؤشرا قويا على انتهاء حلم
الحدائق الأولمبية المزمع إنجازه على طول ساقية عين تمكنونت وكذا البحيرة
الكبرى كدلتا مائية على دير منتجع عين أسردون, أم أن المناصب والكراسي تعمي
الرؤى الجميلة والتوجه بالتفكير نحو بديهيات استثمار المؤهلات الطبيعية
التي تزخر بها المدينة, أم أن مصادر الجمال الفاتن يراد لها أن تصبح مصادر
تخريب للبيئة.وبالعودة إلى دورة يوليوز والمنعقدة يوم الخميس 17 يوليوز 2014 بقاعة الاجتماعات ببلدية بني ملال والتي اتسمت بالتوتر بين المعارضة, ممثلة في العدالة والتنمية أثناء مناقشة النقطة الأولى المدرجة بجدول الأعمال والمرتبطة بتقرير حول نشاط المجلس ما بين الدورتين، وكذا مناقشة هذا العرض، إذ تقدم مستشار بتوجيه اتهام مباشر لرئيس المجلس بكونه يغض الطرف على ما يقوم به شقيقه من استخلاص لرسوم موقف السيارات والمنجز مؤخرا بمنتجع عين أسردون، والذي أصبح الموقف الوحيد الذي عوض كل مواقف المنتجع، أي أن جميع الوافدين على المنتجع لا مفر لهم من ولوج هذا الموقف، وبالتالي تحقيق مداخيل مالية هامة دون احترام للقوانين والشروط المعمول بها في الاستفادة من مثل هذه الصفقات، كغياب السمسرة العمومية، ودفتر التحملات…. ولعل هذا الاتهام والذي يكتسي خطورة كبيرة، لم يحرك ساكنا لدى أحد حين رد رئيس المجلس بزلة أكبر حين قال : «أنه لا يمكنه التحكم في تصرفات أخيه، وكبح أفعاله، لأنه يبحث عن «طرف خبز» ولعل هذا الرد وحسب المعارض الذي أثار هذا الانتفاع اللا مشروع قد أشفى غليله حين قال «إذا ظهرت المعنى فلا فائدة في التكرار». وكاد هذا الاتهام أن يمهد لتبادل التهم بين الطرفين حد الأمور الشخصية جدا، وإحلال تخصص كل طرف في تحقيق الأهداف المصلحية : كالوداديات من هنا، والصفقات هناك، والتراخيص من هنالك، إلى آخر قاموس خريطة الطريق المؤدية إلى الثراء الفاحش وغير المساءل عنه على الطرفين ? ولم تقف الاتهامات عند هذا الحد الذي يدعو إلى الاحساس بالغبن والحسرة على المدينة ومستقبلها، بل أثار المعارض مرة أخرى فضيحة أقوى حين اتهم المجلس بإعفاء بعض المحظوظين من أداء واجبات الضريبة على الأراضي غير المبنية، وهو ما كذبه الرئيس، واعتبر إعفاء أحد الأشخاص مجرد خطأ إداري ? . وأهم ما أثار استغراب المتتبعين لهذه الدورة حين توجه رئيس المجلس باللائمة للمعارض مطالبا إياه باللجوء إلى الحكومة ورئيسها الذي ينتمي لنفس حزبه للحصول على تمويلات لمشاريع لفائدة المدينة، إلا أن المتدخل المعارض كان رده قاسيا حين توجه للرئيس بكلام قال عنه أنه «صادق» وصادم «إنني لا أتق فيك ولن نعمل على تقديم أي طلب ما دمت رئيسا لهذا المجلس ? والعاقبة للمتقين. ولم يشفع للرئيس تحالف حزبه الحكومي مع حزب رئيس الحكومة، إذ أثيرت قضايا خطيرة تهم تسيير الشأن العام وانتشار مظاهر الفساد، وتغليب الهاجس الانتخابوي في كل نشاط، أو إنجاز أو جمعية او مشروع، بل إن رئيس المجلس يوظف سلطاته كرئيس وبرلماني في كل ما من شأنه خدمة أغراضه الانتخابية والسياسية، وتفريخ أعشاش وفيالق انتخابية من التابعين من مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية. ومن بين أهم مظاهر الفساد التي أثيرت خلال هذه الدورة مشروع شارع 20 غشت والذي قيل أنه وصمة عار على جبين الجميع، نظرا لتكلفة تهيئته والتي بلغت 7 ملايير سنتيم، مقابل ما طال هذا المشروع من اختلالات وتشوهات جعلت منه مشروعا ناقصا وبتكلفة عالية كما أثيرت عدة تساؤلات حول ما جاء في برنامج عمل المجلس من ملاعب القرب، وتهيئة الفضاءات الخضراء، والإنارة العمومية (أضعف إنارة على الصعيد الوطني) … ناهيك عن قرارات خرق قانون التعمير والبناء تحت غطاء انسجام وجمالية الواجهات لمنح تراخيص ضدا على دفاتر التحملات وضدا على تصميم التهيئة. وحول اتهام المعارضة لرئيس المجلس البلدي باستغلال المشاريع التي تهم التأهيل الحضري والمشاريع المهيكلة الأخرى والتي حدد لها غلاف مالي يفوق 100 مليار سنتيم في إطار الالتفاتة الملكية السامية للمدينة بصفة خاصة وللجهة بصفة عامة، خلال زيارة جلالته ما قبل الأخيرة للجهة، حينها تم وصف المدينة آنذاك بالقرية الكبيرة في إشارة إلى ما تعيشه المدينة من أعطاب تنموية، واختلالات كبيرة على جميع الأصعدة قبيل الزيارة الملكية. وحسب ما أثير من جدال حول هذه المسألة فإن المعارضة وجهت انتقادات حادة للرئيس متهمين إياه باستغلال هذه المشاريع في حملته الانتخابية السابقة لأوانها من خلال الادعاء بأنها مشاريع من إنجازات المجلس، في حين رد رئيس المجلس بالنفي، واكتفى فقط بالقول ان المجلس البلدي انصبت اهتماماته في ما يتعلق بهذه المشاريع لحث الأطراف الداعمة (وزارات وقطاعات حكومية ومجالس منتخبة.) على الإيفاء بوعودها في حين أن جل الأشغال تعرف بطئا في الإنجاز وأشغالا تبدو غير مراقبة، ولا تزال نسبة الإنجاز لا تتعدى ما بين 60 و 65% في انتظار إنجاز 05 نافورات ومدارات نتمنى أن تكون في مستوى المؤهلات الطبيعية للمدينة. وفي الأخير, فقد بدا واضحا أن الخلاف بين الطرفين، هو بالأساس إصابتهما بحمى الاستمالة الانتخابية ليس إلا، دون الاكتراث لذكاء قاعدة كبيرة من ساكنة المدينة والتي فطنت وتفطن لكل الشطحات السياسوية الخارجة عن قريحة تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والبيئية…، وبالأساليب الواضحة والنزيهة، لا بخلق أدرع نقابية وجمعوية وفئوية ذات الأهداف المسطرة سلفا من طرف أربابها كاستغلال بؤس ومعاناة عمال النظافة، استغلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، استغلال المخيمات الصيفية استغلال أبواب عفوا نوافذ الخير، استغلال المعاق... بكل المقاييس لبؤس سياسي كبير لا يساهم فقط في إعادة إنتاج قوم تابع ,إن لم تستنهض النخبة المتنورة إحساسها بالزمن الضائع ووعيها بالمكان الجريح. | ||||

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق