هبريس
فجر حزب الأصالة والمعاصرة قنبلة الأسلحة الكيماوية والجرثومية التي استعملها الجيش الإسباني، في ثلاثينات القرن الماضي، لسحق المقاومة الريفية التي كان يقودها مجاهدو محمد عبد الكريم الخطابي، وسط مؤتمر عام وطني لحزب يساري، حضرته عدد من الشخصيات الدولية ووسائل الإعلام المحلية والعالمية. وطالب "البام"، في كلمة رسمية وسط المؤتمر الوطني لحزب الخضر الإسباني، الدولة الإسبانية بالاعتراف بالمآسي التي تسبب فيها الاستعمار الإسباني للمناطق الشمالية والجنوبية من المغرب، و"الإقرار بذلك، ليس طلبا في الحصول على تعويض، ولكن طلبا للإنصاف فقط، ولجعل الجيل الحالي يتعرف على أخطاء الجيل السابق، لنؤسس جميعا لمستقبل وواقع جديد لن يسمح بتكرار ما حصل".
وانبرى إلياس العماري، الذي مثل الحزب، الأحد الماضي، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إلى الحديث بلغة القلب والمشترك الإنساني وسرد الوقائع والتاريخ كما هو، وليس "لغة النفاق العالمية والعبارات المعتادة حول المتمنيات بنجاح المؤتمر واستمراريته".
وقال إلياس إنه يمثل جيلا من المغاربة ومن أمة "ما تزال تعاني تبعات استعمار بلدكم لمنطقتنا في مستوياته المتعددة"، منها المستوى الصحي، حيث إنه لأول مرة في تاريخ البشرية يتم استعمال الأسلحة الكيماوية المحظورة دوليا، بمقتضى العقد الإنساني أولا، وبمقتضى اتفاقية جنيف لعام 1925، وقصف المدنيين العزل بأسلحة فتاكة، وهو ما ترتب عنه مقتل الكثيرين في الحال، وإصابة من ظل على قيد الحياة، بأمراض خطيرة وفتاكة، وعلى رأسها مرض السرطان الذي أثبتت الدراسات العالمية أخيرا بأنه ورم وراثي نتيجة استعمال الغازات السامة.
ولخص الاعتبار الثاني في المستوى البيئي، مؤكدا أن أراضي خصبة شاسعة من منطقة الريف والشمال، تحولت إلى أراض جرداء وقاحلة، و"هذا المعطى الكارثي كاف لوحده لأن يسجل ما حصل في عداد الجرائم الكبرى التي ارتكبت في حق البيئة".
وأخيرا وليس آخرا، حسب العماري، هناك النزاع المسلح الذي يهدد السلم والسلام والاستقرار في الصحراء جنوب المغرب، مذكرا الحاضرين والمؤتمرين أن هذه البؤرة تعيش توترا مستمرا منذ قدوم الجيش الإسباني في بداية القرن إلى اليوم.
وطالب حزب الأصالة والمعاصرة من قيادة الحزب العمل مع حكام البلد، من أجل الاعتراف بكل هذه المآسي من أجل الإنصاف والحقيقة والتاريخ والمصالحة. وأضاف العماري، أمام المؤتمر، أنه جاء حاملا رسائل من المرضى ومن ضحايا وجود الجيوش الإسبانية في شمال وجنوب المغرب، "ناقلا إليكم معاناة ودموع الأرامل واليتامى، لتكونوا سفراء لهم لدى شعبكم والشعوب الأخرى".
وقال العماري إن الاستقرار والدفاع عن السلم والسلام في جنوب المغرب، والبحث عن حل عادل ومقبول بين جميع الأطراف، هو الضمانة الوحيدة للازدهار والتطور، "أما تغليب كفة طرف على كفة طرف آخر، لا يمكن لها إلا أن تؤسس للفوضى والحرب، وتفتح الباب للمجهول، وبالخصوص في اللحظة التاريخية الراهنة التي يتم خلالها استغلال جميع النزاعات الإقليمية لانتعاش الإرهاب بمختلف أشكاله".
وقال إن المغرب وإسبانيا هما الضمانة الوحيدة للأمن والأمان في منطقة البحر المتوسط، مشبها إياهما بآدم وحواء، "إما أن يتزوجا وتستمر الحياة، أو ينفصلا وتنتهي الحياة، فلكم أن تختاروا، أما نحن في المغرب فقد اخترنا الحياة وانتصرنا لها"، خاتما كلمته بالتالي: لنجعل القلب دليلنا في نضالنا، ولنكن خضرا وثوريين أكثر وأكثر، في نضالنا الدائم من أجل القيم الإنسانية النبيلة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق