الظلاميون والتحالف الموضوعي مع الاستعماريين
عبد اللطيف جبرو
اعتمد العرب منذ البداية على الدين الاسلامي الحنيف ليستمدوا منه القوة
الروحية والتماسك واعتمدوا بالذات على قيم الوساطة والاعتدال والتسامح
بإقرار أحقية غير المسلمين في ممارسة قناعاتهم الدينية وطقوس عباداتهم.
لكن
في القرن الماضي ظهرت تيارات ظلامية أخذت توحي للمسلمين بأنهم يعيشون في
مجتمعات مهددة بالكفر والإلحاد وعمل الاستعماريون على تشجيع هذه التوجهات
الظلامية بهدف إضعاف العرب والنيل من الحركات التحريرية في العالم العربي
فأصبحوا الظلاميون حلفاء موضوعيين للقوى الاستعمارية وخاصة في مرحلة كان
البريطانيون فيها يهيمنون على العديد من البلدان العربية وخاصة منها القطر
المصري.
في يوليوز 1952 اندلعت في
مصر ثورة الضباط الأحرار فاعتقد الظلاميون أن من حقهم أن يتحكموا في تلك
الثورة ولما اختلفوا مع الضباط الأحرار حاولوا اغتيال الزعيم جمال عبد
الناصر فتجندت القوى الحية في أرض الكنانة للتصدي للإخوان المسلمين.
بعد
بريطانيا جاء دور أمريكا للتحالف مع الظلاميين وستعتمد واشنطن على مجموعة
من يقودها أسامة بن لادن كحليف في الحرب ضد الاتحاد السوفياتي في
أفغانستان، وستكتشف الولايات المتحدة بأن تحالفها مع الظلاميين، إنما هو
سلاح ذو حدين وهذا ما ستؤكده الضربات الارهابية التي تعرضت لها أمريكا في
11 شتنبر 2001.
آنذاك جن جنون
الأمريكيين فاحتلوا أفغانستان وشنوا في 2006 الحرب على العراق بدعوى البحث
عن مخابئ سلاح الدمار الشامل وبهدف إقامة نظام "ديموقراطي" في العراق دون
أن يهتموا بأنهم بحربهم على العراق عملوا على القضاء على كيان الدولة.
في
النهاية لم يعثروا على سلاح الدمار الشامل ولم يعملوا على إقامة نظام
ديموقراطي وتمكنوا من خلال وجودهم العسكري على ضفاف دجلة والفرات من تفكيك
كيان القطر الشقيق لأنهم جعلوا ذلك القطر مجالا مفتوحا لعمليات إرهابية
وفتنة طائفية وصلت الآن إلى مرحلة الحديث عن دولة إرهابية تعتبر نفسها دولة
إسلامية تهيمن على مساحة كبيرة من العراق والشام.
ومع
الأسف لا يقتصر الأمر على العراق وسوريا بل تشمل فوضى الظلاميين العديد من
الأقطار العربية كل ذلك بسبب التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية العربية
من جهة، ومن جهة أخرى ضعف الأنظمة العربية التي تختلف مستويات تعاملاتها مع
الإدارة الأمريكية.
وجراء هذه
الوضعية المتردية تمارس إسرائيل عدوانها على فلسطين من خلال عمليات وحشية
وهمجية ضد سكان قطاع غزة أو باقتطاعها المزيد من الأراضي الفلسطينية لبناء
المزيد من المستوطنات واستقدام المزيد من المستوطنين اليهود لإسكانهم في
المناطق المغتصبة، وهذا واقع يفضح نوايا إسرائيل وأمريكا حليفتها
الاستراتيجية بخصوص ما يقال عن حل إقامة دولتين واحدة لليهود وأخرى
للفلسطينيين.
ولمخاطبة قصارى العقول
في أمريكا وأوربا وإقناعهم بأن ما ترتكبه إسرائيل ما هو إلا دفاعا عن
النفس ضد العرب الذين يذبحون الرهائن ويسجلون وقائع جرائمهم في صور
وفيديوهات يوزعونها عبر أنحاء العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق